للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخيال لمن عرف حد الكثير المبطل، ونحن نجيب عنه؛ فكأنا قلنا: الكثير هو الذي يحكم ببطلان الصلاة به من عرف أنه مبطل، ومعلوم أن هذا لا يفيد شيئاً، وإن كان الثاني أشكل بما إذا رآه حاملاً صبياًّ، أو يقتل حية أو عقرباً؛ فإنه محتمل، مع أن الناظر إليه يتخيل أنه ليس في الصلاة؛ لأنه على خلاف عادة المصلين غالباً.

ثم إذا قلنا بهذه الطريقة، فلو وقع تردد في فعل هل انتهى إلى حد الكثرة أم لا؟ قال الإمام: فينقدح فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: استصحاب حكم الصحة.

والثاني: الحكم بالبطلان؛ فإنا مطالبون بالإتيان بهيئة مخصوصة، ونحن شاكون في حصولها.

والثالث: أنا نتبع الظن؛ فإن استوى الظنان فالأصل دوام الصحة، والأظهر استصحاب الحكم بدوامها؛ فإن الهيئة التي ذكرناها وبينا الكلام عليها ليست ركناص مقصوداً في الصلاة، وكأنها النظام والرابطة للأركان؛ فإذا لم يتحقق انقطاعها دامت.

والطريقة الثانية- حكاها الفوراني، والمتولي، وغيرهما-: أن الفعل الكثير [ما يحتاج] فيه إلى اليدين: كتكتوير العمامة وربط السراويل، والقليل ما لا يحتاج إلى ذلك، ومنه: وضع العمامة عن الرأس وحل السراويل. وهذهالطريقة قال القاضي الحسين: إن القفال سمع أبا نصر المؤدب ينحاز بقولها.

قال الفوراني والمسعودي: [و] ليست بشيء.

والطريقة الثالثة- حكاها الرافعي عن صاحب "العدة"-: أن القليل ما لا يسع زمانه لفعل ركعة من الصلاة؛ فإن وسع فهو كثير.

وقد أفهم إطلاق الشيخ القول بالبطلان عند وجود الثلاث: أنه لا فرق فيه بين العمد والسهو، والعالم بالتحريم والجاهل به، وبه صرح العراقيون والماوردي، وقالوا: الفرق بينه وبين الكلام الكثير إذا وقع على وجه السهو أو الجهل؛ حيث

<<  <  ج: ص:  >  >>