للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقول الشافعي: "ويجزئه غسله لها إذا كان بعد الفجر"، يؤذن به.

ثم قوله- عليه السلام- في الخبر: "غسل الجنابة"، أي: غسلاً مثل غسل الجنابة؛ كقوله تعالى: {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: ٨٨] [أي: مرّاً كمرّ السحاب].

وقيل: معناه: جامع، واغتسل، ويؤيده ما تأكد.

والوجه الثاني في المسألة: أن التبكير يكون من طلوع الفجر، وهو الذي صححه الشيخ في "المهذب"، وكذا الرافعي والروياني في "شرح التلخيص"، وقال: إنه ظاهر كلام الشافعي؛ لأنه أول النهار في عرف الشرع، وبه يتعلق جواز الغسل.

وحكى القاضي الحسين وغيره من المراوزة معه وجهاً آخر، عزاه في "العدة" إلى القفال: أنه ليس المراد بالساعات ساعات الليل والنهار؛ لأن ساعات النهار في الشتاء تنقص وتزيد في ساعات الليل حتى تتراجع إلى تسع ساعات وشيء، وفي الصيف ساعات النهار تزيد، فلو قلنا بذلك، لأدى إلى أن يكون وقت الجمعة في الشتاء عند العصر؛ لأنه- عليه السلام- عدّ خمس ساعات، ثم جعل السادسة وقتاً للجمعة، ولكن المراد: أن يبين فضل السابق على المتأخر، وفضل الثاني على الثالث، على ضرب المثل، ويكون معنى الحديث: أن من كان أسبق إتياناً فهو أعظم أجراً، وإن كان بينهما لحظة، وليس أن الدرجات خمس لا غير، غير أنه إذا جاء خمسة نفر مرتبين فللخامس أجر من قرّب بيضة، والسادس من بعده أقل من ذلك أو مثله.

وعلى هذه الطريقة جرى المتولي فلم يحك غيرها، لكن يختص التبكير إليها بما بعد الزوال، أو بما قبله؟ فيه وجهان حكاهما القاضي وغيره:

<<  <  ج: ص:  >  >>