للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الأول: أن الشرع أناط الحكم بالرواح، [والرواح إنما يكون] بعد الزوال، يقال: غدوت إلى فلان: إذا كان قبل الزوال، ورحت إليه: إذا كان بعد الزوال، ويشهد له- كما قال المتولي- قوله- عليه السلام-: "المهجّر إلى الجمعة كالمهدي بدنةً، ثمَّ كالمهدي بقرةً، ثمَّ كالمهدي شاةً، ثم كالمهدي شاةً، ثمَّ كالمهدي بطَّةً، ثمَّ كالمهدي دجاجةً، ثمَّ كالمهدي بيضةً". أخرجه النسائي عن رواية أبي هريرة، وأخرجه مسلم معناه.

ووجه الثاني: ما تقدم من الأخبار.

والرواح إن ثبت [أنه] إنما يستعمل حقيقة فيما بعد الزوال، فنقول: أطلقه على ما قبل الزوال مجازاً؛ لأن القصد منه أمر بفعل بعد الزوال، على أن الأزهري قال: [يقال]: راح إلى المسجد، أي: مضى، وقد توهم كثير من الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار، وليس ذلك بشيء؛ لأن الرواح والغدو عند العرب مستعملان في السير أي وقتٍ كان من ليل أو نهار، يقال: راح في أول النهار وآخره، [و] تروح، وغدا: بمعنى. وهذا كلام الأزهري، وهو إمام [في] عصره.

وقد سلك الرافعي في حكاية ذلك طريقاً آخر، فحكى الوجهين اللذين حكيناهما عن العراقيين، ثم قال: ونقل صاحب "التهذيب" والروياني وجهاً ثالثاً: أن الاعتبار من وقت الزوال، ثم قال: وليس المراد من الساعات على اختلاف الوجوه الأربع والعشرين التي قسم اليوم والليلة عليها، وإنما المراد ترتيب الدرجات، وفضل السابق على الذي يليه، وإن القفال احتج عليه بوجهين:

أحدهما: لو كان المراد الساعات المذكورة، لاستوى الجائيان في الفضل في ساعة واحدة مع تعاقبهما في المجيء.

والثاني: أنه لو كان كذلك لاختلف الأمر باليوم الشاتي والصائف، ولفاتت

<<  <  ج: ص:  >  >>