للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا نسلم أن الليل يتبع النهار كالخروج لقضاء الحاجة؛ لأن زمان الخروج يسير؛ فجاز أن يتبع الكثير، والليل قد يكون مثل النهار أو أكثر بأن يقع ابتداء ذلك بالليل، والكثير لا يتبع القليل، وهذا منا جواب على قولنا: إنه في حال خروجه لقضاء الحاجة معتكف كما هو الصحيح. أما إذا قلنا: إنه [غير] معتكف، فيكفينا المنع، وقد روى الدارقطني بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المعتكف صوم إلا أن يوجبه على نفسه".

ولا يعارضه ما روي عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا اعتكاف إلا بصوم"؛ لأن الصحيح أن هذا من قول عائشة، وقد قال بخلافه علي وابن مسعود، على أنه يحمل إن صح على الأكمل، أو على الاعتكاف المنذور فيه الصوم.

ولان الليل زمان يصح ابتداء الاعتكاف فيه بوفاق الخصم، فنقول: زمان يصح ابتداء الاعتكاف فيه؛ فيصح الاقتصار عليه؛ كالنهار.

ولأن الصوم لو كان شرطاً في صحته، لما صح ابتداؤه إلا به كالطهارة في الصلاة.

تنبيه: كلام الشيخ يفهم أنه إذا نذر أن يعتكف بصوم لزم ذلك له؛ حتى لا يخرج عن نذره بدون ذلك؛ عملاً بما سنذكره في باب النذر. وقد قال الأصحاب: إنه إن نذر أن يعتكف يوماً هو فيه صائم، أو أياماً هو فيها صائم، لزمه الاعتكاف في أيام الصوم؛ لأنه لما كان بالصوم أفضل، لزم بالنذر، كما لو ألزم التتابع فيه، ولا يجزئه حينئذ أن

<<  <  ج: ص:  >  >>