للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنهم من قال: فيه وجهان كالمسألة الأولى؛ فلا فرق بينهما؛ وهذه الطريقة التي اختارها الإمام، وجزم بها البغوي، ولا يظهر بينهما فرق.

ومنهم من قال: يلزمه الجمع في الأولى دون هذه وهي طريقة الشيخ أبي محمد والتي صححها الغزالي، والفرق: [أنه] في الأولى جعل الصوم وصفاً للاعتكافوهو من مندوباته؛ فجاز أن يصير صفة له؛ كالتتابع في الصوم، وفي هذه الصورة جعل الاعتكاف وصفاً للصوم، وليس من مندوباته؛ فلا يصير وصفاً فيه؛ كما لو نذر أن يعتكف مصلياً، أو يصلي معتكفاً؛ فإنه يلزمه الإتيان بهما كيف شاء: مجتمعين ومفترقين.

لكن [من] الذين قالوا بالطريقة الأولى – وهو المتولي- من قال: إن الإعتكاف مشروع في الصوم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف في رمضان، وأما إذا نذر أن يعتكف مصلياً، ففي لزوم الجمع [له] طريقان جاريان – كما قال، وتبعه الرافعي – فيما لو نذر أن يعتكف يوماً محرماً:

أحداهما: طرد الوجهين؛ وعلى هذا فلا فرق.

والثانية: القطع بعدم اللزوم؛ لما ذكرناه من الفرق، وهي الطريقة الصحيحة بالاتفاق، وعليها قال المتولي: يلزمه من الصلاة ما يلزمه عند إطلاق نذر الصلاة، [أي]: وهو [في] ركعة في قول، وركعتان في آخر، وهو الذي أورده في "التهذيب".

وكذا إذا قلنا بلزوم الجمع بين الاعتكاف والصلاة، جاء في قدر الصلاة الخلاف المذكور، وإذا كان قد نذر اعتكاف أيام مصلياً، لزمه ذلك القدر في كل يوم.

قال الرافعي: وأنت بسبيل من أن تقول: ظاهر اللفظ يقتضي الاستيعاب؛ فإنه جعل كونه مصلياً صفة لاعتكافه، فإذا تركنا هذا الظاهر؛ فلم يعتبر تكرير القدر الواجب من الصلاة في كل يوم، وهلا اكتفى به في جميع المدة؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>