للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأن يكون في الجامع؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه حيث اعتكف [اعتكف] في مسجده، وهو المسجد الجامع، وقد علله القاضي الحسين بأمرين:

أحدهما –ذكره القاضي أبو الطيب أيضاً والإمام -: أن صلاته في المسجد الجامع أفضل؛ لأن الجماعة فيه أكثر، ومهما كثرت الجماعة فالصلاة أفضل.

والثاني: أنه لا يحتاج إلى الخروج منه للجمعة، وإذا كان في غيره يحتاج إلى الخروج منه [لأجل] الجمعة، وقد قال علي – كرم الله وجهه -:"لا اعتكاف إلا في جامع" ومعناه: لا اعتكاف كاملاً إلا في جامع، [ولا اعتكاف إذا كان منذوراً أكثر من أسبوع متتابعاً إلا في جامع] فإنه ينقطع اعتكافه بالخروج إلى الجمعة إذا كان في غيره على الأصح.

قلت: وقضية ذلك: أن يقع الكلام في صور:

إحداها: إذا كان [في جواره] مسجد ليس فيه جماعة، وتحصل بصلاته فيه – أن يكون اعتكافه فيه أفضل؛ نظراً للمعنى الأول؛ لما تقدم: أن الصلاة في مسجد الجوار – إذا كان بالصفة المذكورة- أفضل.

الثانية: إذا كان قصده أن يعتكف دون الأسبوع، استوى الاعتكاف في مسجد الجامع و [في] غيره؛ نظراً للمعنى الثاني، وقد قاله القاضي الحسين حيث قال: إذا اعتكف في غير المسجد الجامع، ولم يزد على ستة أيام حتى أمكنه الفراغ منه للجمعة – فهذا هو المستحب.

الثالثة: أن اعتكاف المرأة في الجامع وغيره سواء؛ نظراً للمعنيين؛ فإن صلاتها في بيتها أفضل في حقها، وعليه ينطبق قول المزني في "المختصر": "والعبد والمرأة والمسافر يعتكفون حيث شاءوا؛ لأنه لا جمعة عليهم".

قال القاضي الحسين وغيره: وأراد بذلك الفرق بين الحر المقيم لا يعتكف إلا في الجامع إذا زاد اعتكافه – أي: المنذور – على ستة أيام؛ لئلا يحتاج للخروج

<<  <  ج: ص:  >  >>