للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صُلْحاً أَحَلَّ حَرَاماً أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً". وهذا يحل الحرام ويحرم الحلال: لأنه [إن كان المدعي كاذباً فقد استحل من المدعي عليه ماله وهو حرام، وإن كان] صادقاً فقد حرم عليه ماله الحلال.

ولأنه أحد عوضي الصلح؛ فلم يصح عليه مع عدم ثبوت ملك مالكه عليه؛ قياساً على العوض المصالح عليه، وهذا ما ذهب إليه العراقيون، وقالوا: لو صرح بعد وقوع هذا الصلح بالإبراء عن الباقي، لمي صح.

وفي "ابن يونس" و"حلية" الشاشي حكاية وجه في صحته، وقد وافق المراوزةُ العراقيين في مسألتين، وخالفوهم في مسألتين:

فإحدى الأُولَيَيْنِ: إذا صالح على غير المدعى.

والثانية: أن يدعي عليه ألفاً في ذمته، ثم يصالحه على خمسمائة في الذمة.

فإن قيل: قد حكمتم فيما لو جرى مثل هذا الصلح مع الاعتراف بالألف: أن الصلح صحيح، ويكون بمعنى الإبراء، وأنه لا يفتقر إلى القبول على رأي؛ فينبغي على هذا الرأي أن تبرأ ذمة المدعي عليه من القدر الذي حصل عنه الإبراء، حتى لو قامت عليه بينة بعد ذلك بالألف لا يطالب إلا بخمسمائة؛ كما [لو] صرح بإبرائه من الألف الذي أنكره، وقلنا: لا يفتقر إلى القبول.

فالجواب عنه من وجهين:

أحدهما – ما قاله الماوردي وغيره -: أن الإبراء في هذه الصورة مقرون بملك ما صالح به، فلما لزمه رده لعدم ملكه بطل إبراؤه؛ لعدم صفته؛ كمن باع عبداً بيعاً فاسداً، فأذن لمشتريه في عتقه، فأعتقه المشتري بإذنه – لم ينفذ.

والثاني – يؤخذ مما حكاه الجيلي من قبل -: أنَّ مِنْ شَرِطِ صحة الإبراء عن الخمسمائة في حال الاعتراف – قبضَ الخمسمائة الأخرى، وقد انتفى الشرط هنا؛ فلا جرم انتفت صحة [الإبراء عن الخمسمائة].

وإحدى الثانيتين: أن يصالح من العين على بعضها، ففي صحة الصلح على قولنا بالصحة في حال الإقرار وجهان:

أحدهما – وبه قال القفال -: نعم؛ لأن المتعاقدين متوافقان بعد العقد على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>