للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النصف مستحق المدعى، والنصف الآخر للمدعى عليه؛ لأن المدعي يزعم أنه يملك الجميع، وأنه مَلَّك النصف للمدعي عليه هبةً، والمدعى عليه يزعم مثل ذلك، والاختلاف في جهة ملك العين لا يقدح [في] الاستحقاق.

والثاني: لا؛ كما لو كان على غير المدعى، ولأن الدافع والقابض مهما اختلفا في الجهة، كان القول قول الدافع، وإذا كان كذلك فالدافع يقول: إنما بذلت النصف؛ لدفع الأذى حتى لا يرفعني إلى القاضي، ولا يقيم على بينةً.

والثانية: إذا ادعى عليه ألفاً، فصالحه على خمسمائة معينة، [فهي تبنى] على المسألة قبلها، فإن منعنا ثَمَّ، فهاهنا أولى، وألا فوجهان:

أحدهما: أن الحكم كذلك، ويقدر كأن المدعي عليه وهبه الخمسمائة بزعمه، وأن المدعي يقبضها؛ لأنها من حقه، وأنه أبرأه من الباقي.

والثاني: لا، والفرق: أن ما في الذمة ليس [ذلك] المعين، وفي الصلح عليه معنى المعاوضة، ولا يمكن تصحيحه معاوضة مع الإنكار، وقد اتفق الناقلون على أن هذا أصح.

واعلم أن صورة الصلح على الإنكار بالاتفاق: أن يدعي عليه ديناً مبلغه ألف – مثلاً – أو عيناً، فينكر، ثم يقول: صالحتك، أو: صالحني عن دعواك الكاذبة. ولو قال: صالحني عن الألف أو العين، فالحكم كذلك عند العراقيين، وكذا عند المراوزة؛ على الأصح.

وعلى وجه: يجعل بذلك مقرًّا؛ فيكون الصلح الواقع بعده صلحاً على الإقرار.

ولو قال: بعني أو هبني أو زوجني، فهو إقرار عند المراوزة والقاضي أبي الطيب؛ كما لو قال: ملكني، وهو الذي صححه ابن الصباغ وغيره، وقال الشيخ أبو حامد: هو كما لو قال: صالحني.

ولو قال: آجرني أو أعرني، ففيه خلاف مرتب، وأولى بألا يكون إقراراً، وهو الذي جعله في "الإشراف" في مسألة الإجارة أقيس.

ولو قال: أبرئني من الدين، كان إقراراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>