للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماوردي، ولو كان السم] موحياً- وهو الذي يقتل في الحال – لم يجب على الجارح قصاص، ولا دية، سواء كان المجروح عالماً بحاله أو جاهلاً بها؛ لأنه قطع سراية جرحه بفعله؛ فأشبه ما لو جرحه، فذبح نفسه.

ولو خاط الجرح في لحم ميت وجب القود قولاً واحداً؛ لأن السراية لا تحصل بالخياطة في الميت، وسواء – فيما ذكرناه – شرب السم للتداوي، أو وضعه في الجرح للتداوي، كما صرح به المحاملي وغيره.

والحكم فيما لو داواه غيره بالسم المذكور بإذنه، أو [خاط له] الجرح في لحم حيّ بإذنه؛ كالحكم فيما إذا فعل ذلك بنفسه، ولا شيء على المأذون له.

تنبيه: ظاهر إطلاق الشيخ القول بأنه لا قود على الجارح يشمل النفس والجرح، وأنه لا فرق بين أن يكون الجرح مما لا يجري فيه القصاص، أو يجري فيه، وكلام الرافعي والمحاملي وغيرهما مصرح بأن الجرح إن كان مما يجري فيه القصاص وجب؛ غذ لا مشاركة فيه، وكلام الماوردي مصرح بما اقتضاه كلام الشيخ في بعض الصور على وجه لابن سريج، وفي بعض بلا خلاف؛ فإنه قال فيما إذا كان السم يقتل لا محالة في ثاني الحال، وقلنا: لا يجب القصاص في النفس: إنا ننظر في الجرح: فإن لم يكن فيه قصاص لم يمكن الولي منه، وإن كان مما يوجب القصاص إذا انفرد: كالموضحة، وقطع اليد والرجل – ففي وجوب القصاص فيه، مع سقوطه في النفس [وجهان:

أحدهما وهو قول ابن سريج-: لا يجب، ويسقط بسقوطه في النفس]؛ لأنه إذا انفرد عنها روعي فيه الاندمال، ولم يندمل.

والثاني: يجب؛ لأنه قد انتهت غايته بالموت فصار كالمندمل، فعلى هذا إن كانت ديته مثل دية نصف النفس كأحد اليدين أو الرجلين، وفعله الولي – فقد استوفى جميع حقه، وإن كانت ديته أقل من نصف دية النفس كالإصبع، فإذا اقتص منه فقد استوفى [من] حقه بقدر ديته وهي العشر، وبقي له تمام

<<  <  ج: ص:  >  >>