للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصف، إن كانت ديته أكثر من نصف الدية فوجهان:

[أحدهما]-: وهو قياس قول الإصطخري-: يقتص منه.

والوجه الثاني –وهو عندي أشبه-: أنه لا يجوز أن يقتص بنصف الدية من الأعضاء إلا ما قابلها؛ لأنها توجد بدلاً منها، فعلى هذا: إن أمكن تبعيضه استوفى [منه بقدره]، كاليدين إذا قطعهما؛ فله أن يقتص في إحدى اليدين والتعيين إليه، وإن لم يمكن تبعيضه: كجدع الأنف، وقطع الذكر – فيسقط القود فيه؛ لما تضمنه من الزيادة على قدر المستحق من الدية.

قلت: وعندي أن مادة الخلاف في الأصل أن قطع الطرف إذا صار قتلاً؛ فاستيفاؤه هل هو مقصود في نفسه، [أم هو طريق في استيفاء النفس؟ وفيه الخلاف السابق، فإن قلنا: هو مقصود في نفسه]، استوفى هاهنا، وإلا فلا؛ لأن النفس لا يجوز استيفاؤها في هذه الحالة، لكن قضية هذا أن يطرد فيما إذا كان السم مما يقتل غالباً.

وقد قال الماوردي: إنا إذا لم نوجب القصاص في النفس، وأراد الولي القصاص في الجرح – لم يكن له ذلك وجهاً واحداً؛ لأن شريك الخاطئ في الجرح كشريكه في النفس. ثم قال فيما إذا كان السم لا يقتل غالباً: إنه لا قصاص على الجارح في النفس والجرح، والله أعلم.

قال: وإن خاط الجرح من له عليه ولاية، أي: غير الأب والجد، كالوصي والإمام ونائبه- ففيه قولان:

أحدهما: يجب القود على الولي، فيجب على الجارح؛ لأن الولي فعل ما لا يحل له فعله عامداً؛ فكان كالأجنبي، وهذا ما صححه الجيلي.

والثاني: لا يجب على الولي؛ لأنه لم يقصد الجناية، بل قصد المداواة؛ فكان [شبه عمد] في إسقاط القصاص عنه.

قال: ولا على الجارح؛ لأنه شارك من فعله عمد خطأ، وهذا ما صححه

<<  <  ج: ص:  >  >>