بين السوطين، فقال: اضربه ولا ترين إبطك، وأعط كل عضو حقه. كذا ذكره أبو الطيب، وروي أن عمر - رضي الله عنه – أتي بامرأة راعية أتاها راع، فقال: ويح المرية، أفسدت حسبها، اذهبا بالمرية فاضرباها ولا تخرقوا جلدها.
ولأن القصد من إقامة الحدود الردع والزجر دون الإتلاف؛ وذلك يحصل بالضرب بين الضربين.
ومعنى "ينهر الدم"، أي: يسيل، مشبه بجري الماء في النهر، ويقال: نهر وأنهرته، أي: سال وأسلته، وهو – بفتح الياء والهاء – ولو قرئ: فينهر الدم – بضم الياء وكسر الهاء ونصب "الدم" – لكان صحيحا.
فرع: إذا ضربه، فأنهر الدم وتلف، فإن لم يضربه بعد إنهار الدم [لاستكمال حده فلا ضمان، وإن ضربه بعد إنهار الدم؛ فإن كان في غير ذلك الموضع فلا ضمان [فيه] وإن كان فيه] فوجهان، فإن قلنا به؛ ففي قدره وجهان:
أحدهما: جميع الدية.
والثاني: نصفها، قاله الماوردي.
ولو كان المضروب رقيق الجلد يدمى بالضرب الخفيف فلا يبالي به.
قال: ويفرق الضرب على أعضائه؛ لأثر عمر – رضي الله عنه – السابق حيث قال:"وأعط كل عضو حقه"، وبعضهم يروي هذا اللفظ عن علي – رضي الله عنه – ومنهم المصنف في "المهذب"، والمعنى فيه: أن في موالاة الضرب على موضع واحد تسببا إلى التلف؛ لعظم الألم.
قال: ويتوقى الوجه؛ لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه".