قال القاضي أبو الطيب: وهذا حديث صحيح. وكأنه يشير إلى رواية مسلم [عنه] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ضرب أحدكم أخاه فليتجنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته"، وفي رواية:"إذا قاتل".
ولأن الوجه مجمع المحاسن، وأثر الشين فيه يعظم.
[ومعنى قوله عليه السلام:"خلق آدم على صورته"، يفسره ما رواه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله خلق وجه آدم على صورته"].
قال: و [الرأس والخاصرة [والفرج] وسائر المواضع المخوقة، [أي]: كثغرة النحر، ونحوها؛ لأن القصد هو الردع والزجر دون القتل، والضرب في هذه المواضع يؤدي إلى التلف، قال القاضي أبو الطيب [في باب حد الخمر]: سمعت الماسرجسي يقول: غلط بعض أصحابنا فقال: يضرب على رأسه؛ لأن المزني قال: ويتقى الوجه والفرج. وهذا ما حكاه بعض الشارحين والرافعي عن أكثر الأصحاب، ومنهم: القاضي الحسين والغزالي والفوراني، ويحكى عن الشيخ أبي حامد – أيضا – لأن الرأس مغطى؛ فلا يخاف تشويهه، بخلاف الوجه، وقد روي أن أبا بكر – رضي الله عنه – قال للجلاد:"أضرب الرأس؛ فإن الشيطان فيه".
وفي "الكافي": أنه يضرب الرأس أحيانا.
قال الماسرجسي: ووجه الغلط: أن الوجه عبارة عما علاه، ولأنا إذا
اتقينا الفرج؛ لأنه مقتل، فالرأس أولى بذلك؛ لأنه موضع شريف، وفيه مقتل،
ويخاف من ضربه نزول الماء في العين وزوال العقل، وأمر أبي بكر – رضي الله