للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإقرار أولى، لكن قضية البناء على الأصل المذكور أنه لا يحتاج إلى اليمين؛ فإن ثبوت العرصة حينئذ يكون بالإقرار، ومن أقر له خصمه بحق، لم يحلفه عليه، وكذلك نقول إن صح هذا في مسألة ثبوت ملك البناء والشجر بالبينة؛ إن فرعنا على ما خرجه الإمام؛ لن الثبوت حينئذ يكون بالبينة، ومن ثبت حقه بالبينة [لم تتوجه عليه اليمين بلا خلاف؛ لأن ما في التحليف قد جاء في البينة]، اللهم إلا أن ينشئ دعوى صحيحة: كدعوى بيع، أو إبراء صدر بعد ذلك، وأمكن صدوره؛ كما قاله في "التهذيب" في باب الامتناع من اليمين، أو يقول: الشاهد اعتمد ظاهر اليد، وهو يعلم سراً أن هذا لي- فإن في تحليفه في هذه الصورة خلافاً؛ حكاه الغزالي في آخر الحجة الثالثة للسرقة؛ وعلى هذا يكون تخريج الإمام أفاد أمرين:

أحدهما: إجراء الخلاف في المسألتين، وهو ما اقتضاه [إطلاق المحاملي] في "المقنع"، وكذا القاضي الحسين في "التعليق"؛ حيث قال: إذا تنازعا أرضاً، ولأحدهما فيها بناء أو شجر- فالمذهب: أنه يرجح بالبناء والشجر؛ لأن العادة [ما جرت] بأن الناس يعيرون الأرض للبناء والغراس، وهو الذي أورده البغوي في باب اختلاف الزوجين في متاع البيت، ولم يفرقوا بين أن يكون [قد ثبت ذلك] بالبينة أو بالإقرار.

ثم قال القاضي: نعم، في الزرع خلاف، والذي [حكاه في "التهذيب" منه]: أنه يرجح به؛ كالبناء والشجر.

والثاني: أنا إذا قلنا: القول قوله في العرصة عند إقامة البينة بالبناء والشجر؛ لا يحتاج إلى اليمين، إلا أن يقال: عدم تحليف المدعي عند قيام البينة- كما ذكره الأصحاب، ونص عليه الشافعي- مفروض فيما إذا وقعت الشهادة [بما شملته] اللفظة لغة وعرفاً؛ كما إذا ادعى عيناً، وأقام بينة على أنها ملكه؛ لأن التحليف في هذه الحالة على أنها ملكه، يتضمن تكذيب الشهود قطعاً.

أما إذا وقعت بشيء لم [يشمله اللفظ لغة، وإنما شمله] من حيث العرف؛ كما

<<  <  ج: ص:  >  >>