للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وإن كانت الغيبة في مسافة العدوى- وهي التي إذا خرج من بيته لأداء الشهادة مبتكرًا يرجع إلى أهله قبل الليل- فلا تسمع.

وإن كانت دون مسافة القصر وفوق مسافة العدوى، كما إذا أدركه الليل قبل عوده إلى منزله- فوجهان.

وأجروا ذلك [كله] في تزويج المرأة في غيبة الولي الأقرب، وفي الاستعداد، وفي كتاب القاضي [إلى القاضي] [و] في وجوب الحضور للأداء على الشاهد إذا كان في مثل تلك المسافة، ومنه تخرج في مسألتنا وجه: أنه لا تسمع شهادة الفرع إلا في مسافة القصر كما ذكره الشيخ، وقد حكى عن ابن القطان- أيضًا- لكن في ((تعليق)) القاضي أبي الطيب وغيره من كتب العراقيين: أن أصحابنا اعتبروا في المسافة أن يكون في موضع يشق عليه الحضور إلى مجلس الحكم، لتعب يلحقه، ولا يلزمه الحضور.

وفي ((الشامل)) نسبة هذا القول للشيخ أبي حامد، [و] قال الماوردي: إنه [الظاهر من] مذهب الشافعي.

قال الرافعي: وهذا يجوز أن يحمل على المشقة اللاحقة بالمجيء مما فوق مسافة العدوى، ويجوز أن يجعل أعم من ذلك، وإلى المحمل الأول ميل ابن الصباغ.

قلت: ابن الصباغ لم يمل إلى الأول، وإنما المائل إليه الشيخ أبو حامد، لأن ابن الصباغ حكى أن يوسف اعتبر في هذه الغيبة ما فوق مسافة العدوة، ثم حكى عن الشيخ أبي حامد ما حكيناه عنه، وأنه قال: وهذا قريب مما قاله أبو يوسف، وكلام البندنيجي [مصرح] بالحمل الأول، فإنه قال: [قال] أصحابنا: المشقة كما قال أبو يوسف، لكن كلام الماوردي يميل إلى المحمل الثاني، لأن المأخذ في التعذر كما ذكرنا عدم إيجاب الحضور إلى الأداء على شاهد الأصل، وقد ذكرنا عن الماوردي أن الشاهد إذا دعي للأداء خارج البلد لا يلزمه

<<  <  ج: ص:  >  >>