للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجابة، سواء قربت المسافة أو بعدت، وسواء كان ذا مركوب أو لم يكن، لأن مفارقة وطنه مشقة يسقط معها فرض الإجابة.

قلت: ويظهر أن يقال: إن الاعتبار في هذه المسألة بالمسافة التي لا يلزم الحضور منها إلى الجمعة على من هو خارج البلد، وهي التي لا يسمع منها النداء في الموضع الذي تقام فيه الجمعة بالشرائط المذكورة، لأن عدم إيجاب الحضور إلى الجمعة في هذه الحالة لأجل المشقة اللاحقة به، والأصحاب قد جعلوا المرض المانع من إيجاب الجمعة مجوزًا لسماع شاهد الفرع هنا، وكذا الأعذار المسوغة لترك الجمعة، فكذلك ينبغي أن تراعي المشقة التي تسقط بها الجمعة عند الخروج عن البلد هاهنا أيضًا.

وعلى كل حال فالأظهر هاهنا اعتبار ما فوق مسافة العدوى، لا مسافة القصر، وهو الذي اختاره النواوي، تبعًا للرافعي والروياني وغيرهما.

وإن كان الأظهر في تزويج مولية الغائب عندهم اعتبار مسافة القصر في الغيبة، وفرقوا بأن الولي إذا زوج لم يحتج إلى الحضور، بل يوكل، والشاهد يحتاج إلى الحضور.

وأيضًا: فإن الخصم قد يهرب فيفوت الحق، والنكاح لا يفوت غالبًا بهذا القدر من التأخير، ووراء ما ذكرناه وجه آخر محكي عن أبي الطيب بن سلمة: أنه يقبل شهادة الفرع وإن لم يتعذر حضور شهادة الأصل بما ذكرناه.

وقال ابن أبي الدم: إنه من تخريج صاحب ((التلخيص))، وإليه ذهب القفال الشاشي.

قلت: ويظهر أن يكون بناء على الوجه الذي حكيناه عن القاضي أبي حامد: أنه لا يجب على الشاهد الحضور عند القاضي للأداء، بل إذا اتفق اجتماعهما لزمه أن يؤدي، ثم ما ذكرناه [هاهنا في المسافة] يظهر جريان مثله في كتاب القاضي إلى القاضي، فإن الأصحاب متفقون على أنهما سواء حتى قال القاضي أبو الطيب [وابن الصباغ] وغيرهما: كل موقع قلنا: إن الحكم بالشهادة على

<<  <  ج: ص:  >  >>