فإذا كانتِ السلامةُ تعني عدمَ وقوعِ المصيبةِ، فإن الأمنَ يعني عدمَ توقعِ المصيبةِ، قال تعالى:{قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون}[التوبة: ٥١] .
هذا الإيمانُ يملأ النفسَ طمأنينةً إلى عدالةِ اللهِ سبحانه وتعالى، فبيدِه مقاليدُ الأمورِ كلُّها، فلا يظلمُ الناسَ شيئاً، {وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وكفى بِنَا حَاسِبِينَ}[الأنبياء: ٤٧] ، وهو سبحانه يدافعُ عن الذين آمنوا، وينجِّيهم مِن كلِّ كرْبٍ، وينصرُهم على عدوِّهم.
هذا الإيمانُ يملأُ النفسَ شعوراً بالنجاحِ، والفلاحِ، والتفوُّقِ، والفوزِ برضاءِ اللهِ الذي يعدُّ أثمنَ نجاحٍ يحقِّقُه الإنسانُ على وجهِ الأرضِ.
وهذا الإيمانُ يملأُ النفسَ راحةً، وتسليماً وتفويضاً، وتوكُّلاً ورضاً بقضاءِ اللهِ الذي لا يقضي لعبدِه المؤمنِ إلا بالحقِّ والخيرِ، وقد رُوِيَ:"الإِيمَانُ بِالْقَدَرِ يُذْهِبُ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ".
هذه المشاعر تحقِّقُ سعادةً نفسيةً، وسعادةً لا يعرفُها إلا مَن ذَاقَها، فالصحّةُ النفسيةُ أساسُ صحّةِ الجسدِ، حتّى قيل:"إنَّ الرحمةَ النفسيةَ كافيةً لإعادةِ ضرباتِ القلبِ السريعةِ إلى اعتدالِها، وضغطِ الدمِ المرتفعِ إلى مستواه الطبيعيِّ".
إنّ الطبَّ الوقائيَّ في الإسلامِ ينطلقُ مِن أنّ إزالةَ أسبابِ المرضِ أَجْدَى وأهونُ من إزالةِ أعراضِه، وأنّ المرضَ، وإنْ زالتْ أعراضُه بالدواءِ فإنّ له آثاراً جانبيةً في وقتٍ لاحقٍ، تظهر على شكل أمراض قلبيةٍ ووعائيةٍ وكلويةٍ دونَ سببٍ مباشرٍ.