والطبقةُ الرابعةُ من طبقاتِ الغلافِ الجوّيِّ هي طبقةُ "الأيونوسفير"، أي الطبقةُ المتأيّنةُ بأرجائِها الغامضة، وبارتفاعٍ قَدْرُه ثمانون كيلو متراً فوقَ طبقة "الأيونوسفير"، وتتعرّض الطبقةُ المتأيّنةُ لإشعاعاتِ الشمسِ، ولا سيما فوق البنفسجيةِ التي تعملُ على تحطيمِ ذرّاتِ غازِ الأوكسجين والنيتروجين بها، فتفقدُها إحدى إلكتروناتِها فتصبحُ متأيِّنةً، أي مشحونةً كهربيّاً، وتُدعَى هذه الذراتُ عند ذلك بالأيوناتِ المشحونةِ، حيث تقومُ مقامَ الملايين من المرائي في الجوِّ، فتعكسُ الموجاتِ اللاسلكيةَ عن الأرضِ، وترسلها حولها، وهذه هي الطريقةُ التي تُستعملُ في إرسالِ الرسائلِ اللاسلكيةِ من قارةٍ إلى أخرى، وحول العالَمِ في جميع الاتجاهاتِ.
وأمّا الطبقةُ الخامسةُ فهي تمتدُّ مِن ألف كيلو مترٍ، إلى خمسةٍ وستين ألفَ كيلو مترٍ، يقلُّ الهواءُ تدريجياً في هذه الطبقةِ، إلى أن ينعدمَ، فطبقةُ الهواءِ المحيطةُ بالأرضِ يزيدُ سمْكُها على خمسةٍ وستين ألفَ كيلو مترٍ نحوَ الأعلى، أمّا الشيءُ المعجِزُ فهو أنّ اللهَ سبحانه وتعالى يقول:{وَجَعَلْنَا السمآء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ}[الأنبياء: ٣٢] .
{سَقْفاً مَّحْفُوظاً} ، أي: به تُحْفَظُ الأرضُ، وقال بعضُ العلماءِ الأجانبِ بالحرفِ الواحدِ:"إنّ الجوَّ الأرضيَّ حاجزٌ حقيقيٌّ، هو حقاً قليلُ الكثافةِ، ولكنه سميكٌ جداً، فهو يُوقِفُ الأشعةَ، ويحرقُ الشُّهُبَ، إنّه يحمِي حياتَنا الدنيويةَ، ويحافظُ عليها، لأنّه لا يسمحُ إلا لكلِّ ما هو نافعٌ لنا بالوصولِ إلى سطحِ الأرضِ"، وهذا مصداق قول الله تعالى:{وَجَعَلْنَا السمآء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} .
لا يَسمحُ جوُّ الهواءِ للنيازكِ، ولا للشُّهُبِ، ولا للمعادنِ، ولا للأحجارِ، ولا للكُوَيْكِبَاتِ، ولا للأشعةِ القاتلةِ، ولا لكلِّ ما يؤذي الأرضَ بالاختراقِ، فالهواءُ إمّا أنْ يحرِقَه، وإما أنْ يمنعَه، فالأوزونُ يمنعُ الأشعةَ القاتلةَ، ويمتصُّها، والطبقةُ الرابعةُ الحارَّة تَصْهَرُ كلَّ شيءٍ.