لكنّ الآيةَ الثانية الدالةَ على عظمةِ الله في هذا الموضوعِ هي: أنّ هناك تياراً بارداً يتَّجِه نحو شواطئ أمريكة الجنوبيّةِ لِيَصلَ إلى بلادِ البيرو والشيلي، ماذا يفعل هذا التيارُ؟ هذا التيارُ يحملُ كمّياتٍ كبيرةً من الأعشابِ البحريّةِ، وهذه الأعشابِ البحريّةُ تجتذبُ أعداداً فلكيّةً من أسماكِ السردين، هذه الأسماكُ هي غذاءٌ لعشراتِ الملايينِ من طيورٍ تعيش على شواطئ هذه البحارِ اسمُها غرابُ البحرِ، وهذه الطيورُ لها مخلّفاتٌ، تُعدُّ المادَّةَ الأولى لِدَخْلِ تلك الشعوبِ، لأنّ أرقى أنواعِ الأسمدةِ في العالَمِ من مُخلَّفاتِ هذه الطيورِ، خمسون مليونَ طائرٍ تؤخذُ مخلّفاتُها بالجرافاتِ، وتُصَدَّر إلى شتَّى أنحاءِ العالمِ، وهذه الأُممُ والشعوبُ في شواطئ أمريكا الجنوبيّةِ دَخْلُها الأوّلُ والأخيرُ مِن مخلّفاتُ الطيورِ التي تعيشُ على أسماكِ السردينِ، وتَلْتَهِمُ في العام بِتَقديرِ العلماءِ ما يزيدُ على ثلاثة ملايين طنٍّ من هذه الأسماكِ، وهذه الأسماكُ تُجتَذبُ إلى هذا المكانِ بِفِعْل الأعشابِ التي يحملُها هذا التيارُ، ولحكمةٍ يريدُها الله أنه يُغَيِّرُ مسارَ هذا التيارِ مِن حينٍ لآخرَ، فإذا غيَّرَ مسارَه لم يأتِ بهذه الأغذيةِ لهذه الأسماكِ، فتموت، وتموت معها الطيور، وعندئذٍ يعاني الشعبُ من حينٍ إلى آخرَ مِن مجاعاتٍ قاتلةٍ بسببِ ضعفِ إنتاجه، أليْسَت هذه آيةً دالّةً على أنَّ اللهَ هو الرزاقُ ذو القوَّةِ المتينُ، يسوقُ هذا التيارَ بما فيه من ذو القوَّةِ المتينُ، يسوقُ هذا التيارَ بما فيه من أعشابٍ مغذِّيةٍ، وتأتي هذه الأسماكُ بأرقامٍ فلكيّةٍ، فتستهلِكُ منها الطيورُ ثلاثةَ ملايين طنّ في العام، وهذه الأسماكُ هي طعمةُ الطيورِ، والطيورُ لها مخلّفاتٌ، ومخلّفاتها أرقى أنواعِ الأسمدةِ، تُصَدَّرُ إلى مختلفِ بلاد العالمِ، فيكاد دخلُ هذه الشعوبِ ينحصرُ في مخلّفاتِ الطيورِ، وهذا بسببِ هذا التيارِ الباردِ الذي يأتي إلى شواطئ أمريكة الجنوبيّة.