لذلك كان النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ يفطرُ في رمضانَ على التمرِ، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:"كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ".
وعَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ فإِنَّهُ بَرَكَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَمْراً فالمَاءُ، فَإِنَّهُ طَهُورٌ".
فالتمرُ الذي يتناولهُ الصّائمُ مع الماءِ فيه خمسةٌ وسبعون بالمئة مِن جزئه المأكولِ موادُّ سُكّريةٌ أُحاديةٌ، سهلةُ الهضمِ، سريعةُ التمثُّلِ، إلى درجةِ أنّ السُّكرَ ينتقلُ من الفمِ إلى الدمِ في أقلَّ مِن عشرِ دقائقَ، وفي الحالِ يتنبَّهُ مركزُ الإحساسِ بالشَّبَعِ في الجملةِ العصبيّةِ، فيشعرُ الصائمُ بالاكتفاءِ، فإذا أقبلَ على الطعامِ أقبلَ عليه باعتدالٍ، وكأنه في أيامِ الإفطارِ، أمّا الموادُّ الدسمةُ فيستغرقُ هضمُها وامتصاصُها أكثرَ مِن ثلاثِ ساعاتٍ.
فمهما أكثرَ الصائمُ مِنَ الطعامِ الدسمِ فلن يشعرَ بالشَّبَعِ، ولكنه يشعرُ بالامتلاءِ، والفرقُ كبيرٌ بين الشِّبَعِ والامتلاءِ، الشِّبعُ تنبُّهُ مركزِ الجوعِ في الجملةِ العصبيةِ، وإذا تنبَّه هذا المركزُ شَعَرَ الإنسانُ بالشِّبعِ، ولو لم يكن في معدتِه طعامٌ كثيرٌ، أما الإحساسُ بامتلاءِ المعدةِ فشيءٌ آخرُ.
فكان عليه الصلاةُ والسلامُ يفطِرُ على تمراتِ، ويصلِّي المغربَ، ثم يجلسُ إلى الطعامِ، ومَن لم يطبِّقْ سنَّةَ النبيّ عليه الصلاةُ والسلامُ في إفطارِه فقد فَاتَهُ خيرٌ كثيرٌ في صيامِه، دينيّاً، وصحيّاً، ونفسيّاً.