وهذا مِن دلائلِ نبوةِ النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ، حتى في أيامِ الإفطارِ قال بعضُ الأطباءِ: ينبغي أنْ تُقَدَّمَ الفاكهةُ التي فيها من سُكّريّاتٍ أحاديةٍ على وجباتِ الطعامِ التي تحوِي غالباً الموادَّ الدسمةَ، وهذا استنباطٌ ظنيٌّ من قوله تعالى، وهو يصفِ أهلَ الجنةِ:{وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ}[الواقعة: ٢٠-٢١] .
قال ابن القيم:"وفي فِطْرِ النبيّ صلى الله عليه وسلم على التمرِ، أو الماءِ تدبيرٌ لطيفٌ جدّاً، فإنّ الصومَ يخلِي المعدةَ من الغذاءِ، فلا تجدُ الكبدُ فيها ما تجذِبُه، وترسِلُه إلى القُوى، والأعضاءِ، والحلوُ أسرعُ شيءٍ وُصولاً إلى الكبدِ، وأَحَبُّه إليها، ولا سّيما إنْ كان رطباً، فيشتدُّ قَبولُها له، فتنتفعُ به هي، والقُوى، فإنْ لم يكنْ فحسواتُ الماءِ تطفئ لهيبَ المعدةِ، وحرارةَ الصومِ، فتنبِّه بَعْدَه للطعامِ، وتأخذُه بشهوةٍ".
وتتركَّبُ هذه التمورُ أيضاً من الموادَّ البروتينيةِ المرمِّمةِ للأنسجةِ، ومِن نِسَبٍ ضئيلةٍ من الدهنِ، ويحوي التمرُ خمسةَ أنواعٍ من الفيتاميناتِ الأساسيةِ، التي يحتاجُها الجسمُ، كما يَحوِي التمرُ ثمانيةِ معادنَ أساسيةٍ، ومئةُ غرامٍ من التمرِ يومياً فيها من نصفٍ إلى خُمسِ حاجةِ الجسمِ من المعادنِ، ويَحوِي التمرُ أيضاً اثني عشر حمضاً أمينياً، وفيه موادُّ مليِّنةٌ، ومهدِّئة، وهناك خمسون مرضاً يسبِّبُها الإمساكُ، والتمرُ يَقِي من الإمساكِ، وله آثارٌ إيجابيةٌ في الوقايةِ من فقرِ الدمِ، ومن ارتفاعِ الضغطِ، ويعينُ على التئامِ الكسورِ، وهو مليّنٌ ومهدئٌ، وقد أثبتتِ الأبحاثُ العلميةُ أنّ التمرَ لا يتلوثُ بالجراثيمِ إطلاقاً، لأنّ تركيزَ السُّكَّرِ العاليَ يمتصُّ ماءَ الجرثومِ، وهذه الخيراتُ كلُّها عَدَّها بعضُ العلماءِ سبعةً وأربعين عنصراً، مُمَثَّلَةً في تمرةٍ تأكلُها، ولا تدري ماذا ينتفعُ الجسمُ بها.