النملةُ حشرةٌ اجتماعيةٌ راقيةٌ، موجودةٌ في كلِّ مكانٍ، وفي كلِّ وقتٍ، بل إنَّ أنواعَ النملِ تزيدُ على تسعةِ آلافِ نوعٍ، وبعضُ النَّملِ يحيا حياةً مستقرةً في مساكنَ مُحكمَةٍ، وبعضُ النملِ يحيا حياةَ التَّرحالِ كالبدوِ تماماً، وبعضُه يكسبُ رزقَه بجِدِّه وسعيِه، وبعضُه يكسبُ رزقَه بالغدرِ والسيطرةِ، والنملُ حشرةٌ ذات طبعٍ اجتماعيٍّ، فإذا عُزِلَتْ عن أخواتِها ماتتْ، ولو تهيَّأَ لها غذاءٌ جيِّدٌ، ومكانٌ جيدٌ، وظروفٌ جيدةٌ، فهي كالإنسانِ، إذا عَزَلْتَه في مكانٍ بعيدٍ عن الضوءِ، والصوتِ، والساعةِ، والزمنِ، والليلِ، والنهارِ عشرين يوماً فَقَدَ توازنَه.
وتعلِّمُ النملةُ الإنسانَ درساً بليغاً في التعاونِ، فإذا التقتْ نملةٌ جائعةٌ بأخرى شبعى، تُعطي النملةُ الشَّبعى الجائعةَ خلاصاتٍ غذائيةً مِن جسمِها، ففي جهازِها الهضميِّ جهازُ ضَخٍّ تُطعمُ به غيرِها، دقِّقوا في حديثِ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيتُ شَبْعَانَ، وَجَارُهُ جَائِعٌ".
لقد رصَدَ العلماءُ طرقَ معيشةِ النملِ، وأدهشَهم عملَها الجادَّ الدؤوبَ في تحصيلِ أرزاقِها، والتعاون وتوزيع الوظائفَ فيما بينها بكلِّ دقَّةٍ وجدِّيَّةٍ.