فِللنَّملِ مَلِكَةٌ كبيرةُ الحجمِ، مهمَّتُها وضعُ البيضِ، وإعطاءُ التوجيهاتِ، ولها مكانٌ أمينٌ في مساكنِ النملِ، وهي على اتّصالٍ دائمٍ بكلِّ أفرادِ المَملكةِ، والإناث العاملاتُ لها مهماتٌ متنوعةٌ، من هذه المهماتِ تربيةُ الصغارِ، وهذا يشبهُ قطاعَ التعليمِ، وفي النملِ عساكرُ لها حجمٌ أكبرُ، ولها رأسٌ صلبٌ، كأنَّ عليه خوذةً، وهذا يشبهُ قطاعَ الجيشِ في حراسةِ الملِكةِ، وحفظِ الأمنِ، ورَدِّ العدوانِ، ومن مهماتِ العاملاتِ تنظيفُ المساكنِ والممرّاتِ، وهذا يشبه قطاعَ البلدياتِ، ومن مهماتِ العاملاتِ سحْبُ جثثِ الموتى من المساكنِ، ودفنُها في الأرض، وهذا يشبهُ مكاتبَ دفنِ الموتى، ومِن مهماتِ العاملاتِ جلبُ الغذاءِ من خارجِ المملكةِ، وهذا يشبهُ قطاعِ المستوردين، ومن مهماتِ العاملاتِ زَرْعُ الفطرياتِ، وهذا يشبهُ قطاعَ الزراعةِ، ومن مهماتِ العاملاتِ تربيةُ حشراتٍ يعيشُ النملُ على رَحيقِها، وهذا يشبهُ قطاعَ مربِّي الماشيةِ.
إنّ للنملِ نظاماً دقيقاً في معاشِه، فله قائدٌ يوجِّهه، ويأمره، وله مساكنُ يعيش فيها، وهذه المساكنُ مقسَّمةٌ إلى غرفِ معيشةٍ، ومستودَعاتٍ لتخزينِ المؤنِ، ولها دهاليزُ معقَّدةٌ، عليها حراسةٌ مشدَّدةٌ على مدارِ الساعةِ، ويجتمع من تلك المساكنِ قُرًى كاملةٌ، كأنّها مستعمراتٌ تصل بينها طرقٌ ومسالكُ، حيث تهتدي بها إلى أعلى الأرضِ.
يعمل النمل في قراهُ بموجبِ انضباطٍ مدهِشٍ وصارمٍ للغايةِ، وبإشرافِ النملِ الذي كبرتْ رؤوسُه، وعظمتْ خراطيمُه.
يبني النملُ المدنَ، ويشقُّ الطرقاتِ، ويحفرُ الأنفاقَ، ويخزِّن الطعامَ في مخازنَ وصوامعَ، وبعضُ أنواعِ النملِ يقيمُ الحدائقَ، ويزرعُ النباتاتِ، وبعضُ أنواعِه يقيمُ حروباً على قبائلَ أخرى، قال عز وجل:{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}[الأنعام: ٣٨] .