ويَتَفرَّع على ذلك: أنه إذا كان الغَدْر من صِفات المُنافِقين، فالواجِبُ على المُؤمِن البُعدُ عنه، ولو لم يَكُن من الغَدْر إلَّا أنه من صِفات المُنافِقين لكان ذلك كافِيًا في وُجُوب البُعْد والحَذَر منه.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: استِهانةُ المُنافِقِ بحقِّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لقوله تعالى:{عَاهَدُوا اللَّهَ} يَعنِي: نَقْض العَهْد مع إنسان مِثْلك قد يَكون أهونَ، لَكِن نَقْض العهد مع اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أشَدُّ وأعظَمُ.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: تحريم تَوْليةِ الأدبار عند مُلاقاة العَدوِّ؛ وجهُ ذلك أن اللَّه تعالى ذكَرَ هذا عن المُنافِقين تحذيرًا منه، وقد دلَّتِ الآية الكريمة في سورة الأنفال على أنهم من كبائر الذُّنوب؛ لقول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: ١٥ - ١٦]، وجاءَت في الأحاديث بِعَد ذلك من المُوبِقات، يَعنِي: من المُهلِكات؛ لأنه من الكبائِر.