قوله تعالى:{مَا كَانَ}: {مَا} نافِية، و {كَانَ} فِعْل ماضٍ ناقِص، واسمُها قوله تعالى:{حَرَجٍ}، لكِنْ فيها {مِنْ} الزائِدةُ لإِثْبات النَّفي وتَوكِيده، وقوله تعالى:{عَلَى النَّبِيِّ}، هذا خبَرُها مُقدَّم.
ومَعنَى {فِيمَا فَرَضَ} أي: فيما أَحَلَّ اللَّه تعالى له، أيًّا كان، فكُلُّ ما أَحَلَّ اللَّه تعالى، فإنه لا حرَجَ عليه عِند اللَّه تعالى، وإذا كان لا حرَجَ عليه عند اللَّه تعالى فإنه لا يَجوز لأحَدٍ أن يَتكلَّم في هذا الذي أحَلَّ اللَّه تعالى له، ويَقول: لِمَ فعَلَ؟ لِمَ صنَع؟ وسيَأتي -إن شاء اللَّه تعالى- في الفَوائِد: أنَّ هذا عامٌّ للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولغَيْره.
وقوله تعالى:{فِيمَا فَرَضَ} الفَرْض تارةً يَتعدَّى باللَّام، وتارةً يَتعدَّى بـ (عَلى)، فيَتعدَّى باللَّام مثل هذه الآيةِ:{فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ}، ويَتعدَّى بـ (على) مِثْل: فرَض اللَّه علينا كذا وكذا. فإِنْ تَعدَّى بـ (على) فهو بمَعنَى: أَوْجَب، وإن تَعدَّى باللَّام فهو بمَعنَى: أحَلَّ؛ لأنَّ الفَرْض في الأصل بمَعنَى التَّقدير، والمُقدَّر قد يَكون واجِبًا، وقد يَكون محُلَّلًا.