قوله تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ} الضَّمير في قوله تعالى: {عَلَيْهِنَّ} يَعود على زَوْجات الرسول عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الذي قال اللَّه تعالى في حَقّهنَّ: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}؛ فكأَنَّ هذه الآيةَ استِثْناءٌ مما سبَق {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}؛ حيثُ إن الآيةَ {سَأَلْتُمُوهُنَّ} تَشمَل المَحارِمَ وغيرَهم، فاستَثْنى المَحارِم فقال تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ}.
والجُناح بمَعنَى: الإِثْم؛ أي: لا جُناحَ عليهنَّ أن يَبرُزنَ لآبائهن، وأن يَسألَهُن آباؤهنَّ بدون حِجاب، وهذا كقوله تعالى في سُورة النُّور:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ. . .}[النور: ٣١].
وقوله تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ} وآباء: يَشْمَل الآباء من جهة الأُمِّ والآباء من جهة الأبِ؛ فالجَدُّ من جِهة الأُمِّ في باب النِّكاح كالجَدِّ من جِهة الأبِ، ولقد كان الناس يَسأَلون كثيرًا عن أبِي الأُمِّ هو مَحْرَم لزوجة ابنِ ابنَتِه أم لا؟
والجَواب: يَكون مَحْرَمًا؛ لأن باب النِّكاح لا يُفرَّق فيه بين الأُبوَّة من جِهة الأُمِّ