قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}[مِن أَعْلى الوادِي وأَسفَلِه من المَشرِق والمَغرِب]، جاؤُوا من المَشْرق ومن المَغرِب، فجاءت قُرَيْش من الناحية الشَّمالية الشرقية، وجاءت غَطَفانُ ويَهودُ بني قُرَيْظةَ من الناحية الجنوبية الغربية، فجاؤُوا من فوق المُسلِمين ومن أسفَلَ منهم.
وكما قُلْت قبلَ قليل: إن الخَنْدق من الحرَّة الشرقية إلى الحَرَّة الغربية، كل الشَّمال الآنَ محَفوظ بالخَنْدق، هم جاؤُوا من فَوْقهم ومن أَسفَلَ منهم؛ ليَكونوا كفَكَّي الأسَد حتَّى يُطبِقوا على المدينة، هذا تَخطيطهم، ولكن اللَّه تعالى بما يَعمَلون محُيط.
يَقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ} زاغَتِ الأبصار، زَاغ الشيء بمَعنَى: مال، ومنه: زاغَتِ الشمس إذا مالَت بالزوال، ومنه قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}[النجم: ١٧]، أي: ما مال، والأبصار (أل) هنا للعَهْد الذِّهنِيِّ، يَعنِي: زاغَتِ الأبصار منكم، يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ في تَفسيرها:[مالت عن كُلِّ شَيءٍ إلى عدوها من كل جانِب] يَعنِي: أن الأبصار ما صار لها نظَر إلَّا هذا العدو، وكل شَيءٍ