للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١١)]

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: ١١].

* * *

قال سبحانه وتعالى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} (هُنالِك) هذه اسمُ إشارة تَصلُح للزَّمان وللمَكان، ولكن الأصل أنَّها للمَكان، وتَأتِي للزَّمان، قال اللَّه تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غافر: ٨٥] أي: في ذلك الزمَّنِ خَسِر الكافِرون، (فهُنالك) (هُنَا) صالحِةٌ للزمان وللمَكان، واللام للبُعْد، والكاف للخِطاب.

قوله تعالى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} اخْتُبِروا، والذي ابْتَلاهم هو اللَّه عَزَّ وَجَلَّ اختَبَرهم بما حصَل لهم من هذا الضِّيقِ العَظيمِ، الذي لا يُمْكِن أن نُعبِّرَ عنه بالنُّطْق، ولا يُمكِن أن نُحِسَّ به إلَّا مَن وَقَع فيه، نحن هنا نَعجِز عن تَصَوُّر تلك الحالِ، ونَعجِز عن تَصويرها، ولكن الذي وقَع فيها يَدرِي عنها.

يَقول المفسر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} اختُبِروا؛ لِيَتبيَّن المُخلِص من غيرِه، {وَزُلْزِلُوا} حُرِّكوا زلزالًا شديدًا من شِدَّة الفزَع]، ابتِلاءٌ عظيم وزِلزالٌ عظيمٌ ابتُلوا به؛ هذا الزِّلزالُ الذي أَصابَهم ليس زِلزالَ الأرض، لكِنْ زلزالُ النُّفوسِ، فالنُّفوس تَزَلْزَلت، وحصَل عليها شيءٌ عظيم؛ لأنه اجتَمَع في هذه الغَزو اجتِماعُ الأحزابُ من العَرَب ونَقْضُ بني قُرَيْظةَ، والجُوعُ والتَّعَبُ والإعياءُ والبَرْدُ؛ خمسة

<<  <   >  >>