للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: ٢٢] سُبحانَ اللَّهِ! يَرَوْن هذه الأحزابَ العَظيمةَ، ثُم يُطَمْئِنون أنفسهم بأن هذا ما وعَد اللَّه ورسولُه، وصَدَق اللَّهُ ورسولُه؛ لأن النَصْر مع الصَّبْر، والفرَج مع الكَرْب، فهُمْ لمَّا رأَوْا هذه الأحزابَ العَظيمة، وما يَتَرتَّب عليها على وُجودهم من الشِّدَّة والضِّيق عرَفوا أن النَّصْر قريب، فإن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: ٢١٤] فانظُرْ إلى نَصْر اللَّه تعالى فإنه قريب في مثل هذه الحالِ، قال تعالى: {مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا} فإذا طبَّقتَ هذه على حالِ المُؤمِنين في وقت الأحزاب وجَدْتَ أنها تَنطَبِق؛ ثُم قال تعالى في آخِر الآية: {إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} إِذَنْ: صَدَق عليهم أن هذا ما وعَدَ اللَّه ورسوله، وصَدَق اللَّه ورسوله بقُرْب النَّصْر.

والحاصِلُ: أن مِثلَ هذه الأمورِ التي تَأتِي عارِضة لا تُؤثِّر على مَرتَبةِ الإنسان وعلى حاله؛ لأنها تَزولُ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن الإنسان إذا غَلَبته الحالُ حتى ورَدَتْ عليه مثلُ هذه الظُّنونِ، فإنه لا يَحُطُّ من مَرتَبَته، لكن -كما قُلْت قبلَ قليل- إذا استَقَرَّتْ به الحال، وهدَأَت هذه الظُّنونُ عرَف الحَقَّ.

* * *

<<  <   >  >>