قوله تعالى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ} النِّداء من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، مُوجَّه إلى زَوْجات الرسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك لأَهمِّية ما سيُوجَّه إليهِن؛ ولتَنبيهِهِنَّ على ما سيُلْقَى إلَيْهِن:{مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ}: {مَنْ} هذه شَرْطية، وفِعْل الشَّرْط {يَأْتِ} و {يُضَاعَفْ} جَوابُ الشَّرْط.
وما المُراد بالفاحِشة: هل المُراد بالفاحِشة (الزِّنا)، أو المُراد بالفاحِشة (الكلام البَذيء والمُتطاوَّل فيه على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والخارج عن المروءة)؛ أو المُراد هذا وهذا؟
قال بعض أهلِ العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ: إنَّ المُراد الأَخير، ولا يُراد به الزِّنا، مع أنَّ الفاحِشة تَأْتي في القُرآن مُرادًا بها الزِّنا، وتَأتي مُرادًا بها بَذاءة اللِّسان والتَّطاوُل، قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ}[النساء: ١٥]، فالمُراد بالفاحِشة هنا الزنا، وقال تعالى:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[الطلاق: ١]، والمُراد بالفاحِشة هنا بَذاءة اللِّسان وسَلاطته؛ فإذا كانت بَذيئة اللِّسان سَليطته تَأتِي بكلماتٍ خارِجة عن المرؤة؛ فلزَوْجها أَنْ يُخرِجها من البيت أثناء العِدَّة.