قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} تَقدَّم لنا الكَلام على تَصْدير الخِطاب بمِثْل هذا النِّداءِ، وأنه يَدُلُّ على أهمِّيَّة المَوْضوع، وأنه يَدُلُّ على أن امتِثال ما سيَأتي من مُقتَضيات الإيمان وأن مخُالَفَته من نَواقِص الإيمان.
وقوله تعالى:{إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} المُراد بالنِّكاح هنا العَقْد، والنِّكاح يُطلَق على العَقْد وعلى الجِماع؛ وذلك لأن أَصْله في اللغة العربية الضَّمُّ والجَمْع؛ لأن العَقْد يَضُمُّ الزوجَ إلى زَوْجته والزَّوْجة إلى زَوْجها، وهو يُطلَق بمَعنَى هذا وهذا، ولكنه إذا أُضِيف إلى أَجْنَبية فهو بمَعنَى العَقْد، وإذا أُضيف إلى زوجة فهو بمَعنَى الجِماع، فإذا قِيل: نكَحَ الرجُلُ زوجَتَه. أي: جامَعَها، وإذا قيل: نَكَحَ فُلَانة بنتَ فُلانٍ. المَعنَى: عَقَد عليها.
وهي في القُرآن بمَعنَى العَقْد، كلَّما جاءَتْ فهي بمَعنَى العَقْد، والغريب أن بعضَ أهلِ العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ يَقول: لم تَأتِ بمَعنَى العَقْد إلَّا في هذه الآيةِ، وأنها في القُرآن جاءت بمَعنَى الجِماعِ.