والتَّوكُّل بمَعنَى الاعتِماد مع الثِّقة؛ ولهذا فسَّرُوه بأنه صِدْق الاعتِماد على اللَّه تعالى في جَلْب المَنافِع ودَفْع المَضارِّ مع الثِّقَة باللَّه عَزَّ وَجَلَّ بأن يَكون القَلْب مُعتَمِدًا على اللَّه تعالى لا على غيره في جَلْب المَنافِع، وفي دَفْع المَضارِّ، مع ثِقَته باللَّه سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، يَعنِي: واثِقًا بأن اللَّه تعالى سيَكْفيه؛ ولهذا قال سُبْحَانَهُ وتَعَالَى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: ٣] كافِيه، فإذا صدَقْت اللَّه سُبْحَانَهُ وتَعَالَى في أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيَكفيكَ، فهذا هو تمَام التَّوكُّل.
وقوله تعالى:{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} جاءَت هذه في القُرآن في عِدَّة مَواضِعَ، ومنه قوله تعالى:{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}[هود: ١٢٣]، {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا}[المائدة: ٢٣]، وعلى هذا فيَكون التَّوكُّل من العِبادة؛ لأن اللَّه تعالى أَمَر به، وما أَمَر اللَّه تعالى به شَرْعًا فهو من العِبادة، وسيَأتي -إن شاء اللَّه تعالى- في الفوائِد أقسام التَّوكُّل.
وقوله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى:{وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} الباء يَقول أهل الإعراب: إنها زائِدة؛ لتَحسين اللَّفْظ، وإن لَفْظ الجَلالة هو الفاعِل، والتَّقدير: -وكفَى اللَّه شَهيدًا- وَكيلًا حالٌ من الفاعِل، والمَعنَى: ما أَعظَمَ كِفايةَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في هذا الشيءِ! إن كان