ثُمَّ قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وهُمُ الكُفَّار يَصِفون اللَّه تعالى بما هو مُنزَّهٌ عنه من الولَد والشَّريك، ويُكذِّبون رسولَه]، هذا من الإِيذاء {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ} جُمْلة خبَرية مُؤكَّدة بـ (إِنَّ)، وخبَر (إِنَّ) قولُه تعالى: {لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}.
وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ} يُؤذون اللَّه تعالى بوَصْفه بالعُيوب التي لا تَليق به، مثل قول بعضهم عن اللَّه تعالى: فَقير. ومِثْل: سَبِّ الدَّهْر؛ واللَّه تعالى يَقول:"يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدَّهْرَ"(١)، ومِثْل أن يَقولوا: إن اللَّه تعالى اتَّخَذ صاحِبة أو ولَدًا، أو إن اللَّه تَعالى لمَّا خلَق السَّمواتِ والأرضَ تَعِب واستَراح يومَ السَّبْت. وما أَشبَه ذلك، فإيذاء اللَّه تعالى يَكون بأن يُوصَف بما لا يَليق به.
ومنه إِنْكار أسمائه وصِفاته؛ لأن هذا -لا شَكَّ- سَلْب للكمال عنه فيَتضَمَّن
(١) أخرجه البخاري: كتاب التفسير، باب {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}، رقم (٤٨٢٦)، ومسلم: كتاب الأدب، باب النهي عن سب الدهر، رقم (٢٢٤٦)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.