للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٧٢)]

* قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢)} [الأحزاب: ٧٢] (١).

* * *

قولُه عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا عَرَضْنَا} تحدَّث اللَّهُ تعالى عَن نَفْسه بصِيغة الجَمع للتَّعظيم، لتَعظيم نفسِه عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّه سُبحانه العظيمُ الذِي لا أَعظمَ مِنه.

وقَد شبَّه النَّصارَى على عَوَامِّ المُسلمِين فقَالُوا: إنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُتعدِّد لأنَّه يَقول: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: ٧٢]، ويقول تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} [يس: ١٢]، ويقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر: ٩] فيُشبِّهون! لأنَّ هذِه الضَّمائر تدلُّ علَى الجَمع، لكنَّها في اللُّغة العَربيَّة تدلُّ علَى الجمع وعلَى التَّعظيم، وهؤلاءِ عَمُوا عَن قَولِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: ١٦٣]، وهكَذا كلُّ مَن في قلبِه زَيغ فإنَّه يتَّبعُ مَا تَشابَه مِنَ القُرآن والسُّنة فيَضربُ بَعضَه ببَعْض، ولكِنْ يُقيِّض اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لدِينِه مَن يَحْفظُه ويَدفع هذِه الشُّبهاتِ ويُبيِّن الحَقَّ فِيها.

وهؤلاءِ هُم الرَّاسِخون في العِلم؛ لقَول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} يعني: القُرآن {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} فذكَر


(١) لم يوجد تسجيل صوتي لتفسير هذه الآية والتي تليها، ولهذا نقل تفسيرهما من التسجيل الصوتي في اللقاء الشَّهْري لفضيلة الشيخ رَحِمَهُ اللَّهُ.

<<  <   >  >>