قال رَحِمَهُ اللَّه [{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} يَرْمونهم بغير ما عمِلوا {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} تَحمَّلوا كذِبًا و {وَإِثْمًا مُبِينًا} بيِّنًا].
تَأمَّلِ الفَرْق بين أذِيَّة اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وأَذِيَّة المُؤمِنين تَجِد بينهما فَرْقًا كبيرًا في العُقوبة، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا}: {بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} هذا لم يُذكَر في الآية الأُولى بسبَب أنه لا يُمكِن أن يَكون من فِعْل اللَّه تعالى أو من فِعْل رَسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يَستَحِقُّون به الأذِيَّة، لكنَّ المُؤمِنين يُمكِن أن يَقَع منهم ما يَستَحِقُّون به الأذِيَّة؛ ولهذا قال تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا}؛ لأن المُؤمِن قد يَكتَسِب شيئًا يَستَحِقُّ الأَذِيَّة عليه.
وأيضًا قال تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} ولم يَقُل: لعَنَهمُ اللَّه ولا أَعَدَّ لهم عذابًا مُهينًا، بل قال تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{احْتَمَلُوا بُهْتَانًا} يَعنِي: كذِبًا وتَحمَّلوه، والبُهتان هو أن تَذكُر أخاك بما ليس فيه؛ ولهذا لمَّا سأَل النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الغِيبة قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هِيَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ" قال: يا رسول اللَّه أَرَأَيْت إن كان في أخي ما أَقول؟ قال: