قوله تعالى:{قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ}: {لَنْ} تُفْيد ثلاثَةَ أشياءَ؛ النَفي والنَّصْب والاستِقْبال، يَعنِي: أن الفِعْل المُضارع مُحتَمِل لأَنْ يَكون للحال أو للاستِقْبال، فإذا دَخَلَت عليه (لَنْ) تَعيَّن أن يَكون للاستِقْبال.
وهل (لَنْ) للنَّفْي المُؤبَّد، أم تَكون للتَّأبيد وغير التأبيد؟
الجوابُ: لغير التَّأبيد دائِمًا، وتَكون للتأبيد، يَعنِي: تَكون لهذا ولهذا، فمِثال التأبيد قوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}[البقرة: ٢٤]، وقوله تعالى:{قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ}، وتَأتِي لغَيْر التأبيد، أو رُبَّما يَنْظُرون لأكثَرَ من هذا، هل هي للتأبيد أو لغير التأبيد؟ قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى}[آل عمران: ١١١] هل أنهم قد يَضُرُّون المُؤمِنين بغير أذًى أو لا يَضُرُّونهم إلَّا أذًى.
وقال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}[البقرة: ٩٥] هذا للتَّأْبيد، فهُمْ قد يَتمَنَّوْن الموت في عذاب النار يَتمَنَّوْن الموت، وفي الدنيا لا يَتَمنَّوْن الموت، ولكن حتى ولو في الدُّنْيا فإنها مُؤكَّدة بقوله تعالى:{أَبَدًا}.