قوله تعالى:{وَإِذْ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [إنه مَنصوب باذْكُرْ] و (اذْكُرْ) مَحذوف، أي: اذكُرْ يا محُمَّدُ إذ تَقول للذي أَنعَم اللَّه تعالى عليه. . . إلى آخره، اذْكُرْ هذا القَوْلَ حتى تَكون مُستَعِدًّا لمِا يُلقَى إليك من المَوعِظة؛ لأنَّ اللَّه تعالى وعَظَه في هذه الآيةِ مَوْعِظة عظيمة، حتى قالت عائِشةُ -رضي اللَّه عنها-: "لَوْ كان محُمَّدٌ كاتِمًا ما أُنزِل إليه لكَتَمَ هذه الآيةَ"(١).
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} بالإسلام {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالإِعْتاق] بيَّن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أنَّ هذا الرجُلَ الذي أَبهَم اسمَهُ هنا، ثُم أَوضَحَه فيما بعد أنَّ عليه نِعمَتَيْن؛ النِّعْمة الأُولى: للَّه تعالى، والثانية: للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وهنا قال تعالى:{لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ}، فأتَى بالواو الدالَّة على الاشتِراك، مع أن هذا ليس من باب التَّشريكِ، حتى نَقول: إنه يَجوز إشراك اللَّه تعالى مع الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ،
(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب معنى قول اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}، رقم (١٧٧/ ٢٨٨).