للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٧)]

* قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [الأحزاب: ٣٧].

* * *

قوله تعالى: {وَإِذْ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [إنه مَنصوب باذْكُرْ] و (اذْكُرْ) مَحذوف، أي: اذكُرْ يا محُمَّدُ إذ تَقول للذي أَنعَم اللَّه تعالى عليه. . . إلى آخره، اذْكُرْ هذا القَوْلَ حتى تَكون مُستَعِدًّا لمِا يُلقَى إليك من المَوعِظة؛ لأنَّ اللَّه تعالى وعَظَه في هذه الآيةِ مَوْعِظة عظيمة، حتى قالت عائِشةُ -رضي اللَّه عنها-: "لَوْ كان محُمَّدٌ كاتِمًا ما أُنزِل إليه لكَتَمَ هذه الآيةَ" (١).

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} بالإسلام {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالإِعْتاق] بيَّن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أنَّ هذا الرجُلَ الذي أَبهَم اسمَهُ هنا، ثُم أَوضَحَه فيما بعد أنَّ عليه نِعمَتَيْن؛ النِّعْمة الأُولى: للَّه تعالى، والثانية: للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وهنا قال تعالى: {لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ}، فأتَى بالواو الدالَّة على الاشتِراك، مع أن هذا ليس من باب التَّشريكِ، حتى نَقول: إنه يَجوز إشراك اللَّه تعالى مع الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ،


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب معنى قول اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}، رقم (١٧٧/ ٢٨٨).

<<  <   >  >>