للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآيتان (٤١، ٤٢)]

* قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: ٤١ - ٤٢].

* * *

ثُمَّ قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} قال ابنُ مَسعود -رضي اللَّه عنه-: "إذا سمِعْت اللَّه تعالى يَقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأَرْعِها سَمْعك، فإمَّا خَيْرٌ تُؤمَر به، وإمَّا شَرٌّ تُنهَى عنه" (١)، وإذا نادَى اللَّه تعالى المُؤمِنين بوَصْف الإيمان فإن هذا من باب الإغراء لهم على امتِثال الأَمْر إن كان المُوجَّه إليهم أَمْرًا، وعلى اجتِناب النهي إن كان المُوجَّه إليهم نَهيًا؛ لأنك إذا ذكَرْت الإنسان بوَصْف يَقتَضي الامتِثال فمَعنَى ذلك أنك تُغريه بأن يَمتَثِل، وإذا خاطَب اللَّه تعالى المُؤمِنين بوَصْف الإيمان كان ذلك دَليلًا على أنما ما خُوطِبوا به من مُقتَضيات الإيمان، وأن مُخالَفته نَقْص في الإيمان، وإذا صدَّر اللَّه تعالى الحُكْم بالنِّداء كان في ذلك دليلٌ على أَهمِّيَّته والاعتِناء به {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}.

والذِّكْر كما سبَق يَكون باللِّسان، ويَكون بالقَلْب، ويَكون بالجوارِح، وقوله تعالى: {ذِكْرًا كَثِيرًا} غيرُ مُقيَّد بمِئة ولا مِئَتَين ولا ألفٍ ولا ألفَيْن {ذِكْرًا كَثِيرًا}، والإنسانُ العاقِل يُمكِنه أن يَذكُر اللَّه تعالى دائِمًا، والإنسان الغافِل يَغفُل عن ذلك.


(١) أخرجه الإمام أحمد في الزهد رقم (٨٦٦)، وسعيد بن منصور في السنن رقم (٥٠) [ط. الصميعي]، وابن أبي حاتم في التفسير (١/ ١٩٦).

<<  <   >  >>