وقوله تعالى:{وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} هذا ذِكْر خاصٌّ بعد عامٍّ في العمَل وفي الزمَن، أمَّا في العمَل فإنَّ التَّسبيح من الذِّكْر فهو تَخصيص بعد تَعميم، وأمَّا في الزمَن فهنا خَصَّه بالبُكْرة والأصيل.
وقوله تعالى: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ} التَّسبيحُ مَعناه: التَّنزيهُ عن كل نَقْص وعَيْب، ومن العَيْب مُشابَهة المَخلوقين أو مُماثَلة المَخلوقين، فأنت إذا قُلْت: سُبحانَ اللَّه. فالمَعنَى أنك تُنزِّه اللَّه تعالى عن كل نَقْص وعَيْب، ومنه -أي: من العُيوب- مُماثَلة المَخلوقين، فهو مُنزَّهٌ عن مُماثَلة المَخلوقين، وعن كل نَقْص في صِفاته، فهو سَميع مُنزَّهٌ عن نَقْص السَّمْع، عليم مُنزَّهٌ عن نَقْص العِلْم، وهكذا بَقيَّة الصِّفات.
وقوله تعالى:{وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أوَّل النَّهار وآخِره] يَعنِي: البُكْرة أوَّلُ النَّهار، والأصيلُ آخِرُ النَّهار، وعلى هذا فيَكون اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قد أَمَرَنا أن نُسبِّحه الصَّباحَ والمَساءَ.
من فوائد الآيتين الكريمتين:
الْفَائِدَة الأُولَى: بَيان العِناية بالذِّكْر؛ لأن اللَّه تعالى عند الأَمْر به صَدَّره بالنِّداء.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الذِّكْر من الإيمان باللَّه تعالى ومن مُقتَضياته؛ لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ}.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الإيمان يَزيدُ به -أَي: الذِّكْر-، وجهُه: أنَّ كل ما كان من مُقتَضيات الشيء فإنه يَزداد به.