للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} هذا ذِكْر خاصٌّ بعد عامٍّ في العمَل وفي الزمَن، أمَّا في العمَل فإنَّ التَّسبيح من الذِّكْر فهو تَخصيص بعد تَعميم، وأمَّا في الزمَن فهنا خَصَّه بالبُكْرة والأصيل.

وأمَّا الذِّكْر فأُطلِق، وهذه الآيةُ كقوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: ١٣٠].

وقوله تعالى: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ} التَّسبيحُ مَعناه: التَّنزيهُ عن كل نَقْص وعَيْب، ومن العَيْب مُشابَهة المَخلوقين أو مُماثَلة المَخلوقين، فأنت إذا قُلْت: سُبحانَ اللَّه. فالمَعنَى أنك تُنزِّه اللَّه تعالى عن كل نَقْص وعَيْب، ومنه -أي: من العُيوب- مُماثَلة المَخلوقين، فهو مُنزَّهٌ عن مُماثَلة المَخلوقين، وعن كل نَقْص في صِفاته، فهو سَميع مُنزَّهٌ عن نَقْص السَّمْع، عليم مُنزَّهٌ عن نَقْص العِلْم، وهكذا بَقيَّة الصِّفات.

وقوله تعالى: {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أوَّل النَّهار وآخِره] يَعنِي: البُكْرة أوَّلُ النَّهار، والأصيلُ آخِرُ النَّهار، وعلى هذا فيَكون اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قد أَمَرَنا أن نُسبِّحه الصَّباحَ والمَساءَ.

من فوائد الآيتين الكريمتين:

الْفَائِدَة الأُولَى: بَيان العِناية بالذِّكْر؛ لأن اللَّه تعالى عند الأَمْر به صَدَّره بالنِّداء.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الذِّكْر من الإيمان باللَّه تعالى ومن مُقتَضياته؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الإيمان يَزيدُ به -أَي: الذِّكْر-، وجهُه: أنَّ كل ما كان من مُقتَضيات الشيء فإنه يَزداد به.

<<  <   >  >>