قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} النِّداء هنا للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بوَصْفه نبيًّا، وقد يُناديه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بوَصْفه رسولًا، فيُخاطِبه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالى بوَصْفه رسولًا في مَقام الرِّسالة، كما في قوله:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}[المائدة: ٦٧].
و(النبيُّ) مُشتَقٌّ، وأصلها:(النَّبيءُ)، وقيل: أَصلها (النَّبيو) بالواو، فعلى القول الأوَّل يَكون مُشتَقًّا من النَّبَأ، وأُبدِلت الهمزةُ بالياء تخفيفًا، وعلى القول الثاني يَكون مُشتَقًّا من النَّبْوَة، وهي الارتفاع، ولا شَكَّ أن مَقام النُّبوَّة مَقام رفيع، وأن النبيَّ مخُبِر ومخُبَر أيضًا، فهو فَعيل بمَعنى فاعِل وبمَعنى مَفعول.
يَقول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [{اتَّقِ اللَّهَ} دُمْ على تَقواهُ]، صَرَفَها المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ عن ظاهِر لَفْظها؛ لأنَّك إذا أَمَرْتَ أحدًا بشيء فالأصل أنه غير مُتَلبِّس به، فإذا قلت: يا فُلانُ قُمْ. فهل هو قائِم؟ لا، هذا هو الأصل، فالأصل أن الأَمْر إنشاءُ ما لم يَكُن، فإذا قُلتَ: يا فُلانُ قُمْ. أو يا فُلانُ اقْعُدْ؛ فإنه حين توجيه الأمر إليه ليس مُتَّصِفًا بهذا الوَصْفِ.