قولُه رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ} بكَسْر الهَمْزة وضَمِّها] {لَقَدْ} اللَّه مُوطِّئة للقَسَم، و (قَدْ) للتَّحقيق، وعلى هذا فالجُمْلة مُؤكَّدة بثلاثةِ مُؤكِّدات وهي: القسَم المُقدَّر واللَّام و (قَدْ).
وقوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ}: {كَانَ} فِعْلٌ ماضٍ، وكيف يَتوَجَّه أن يَكون فِعْلًا ماضِيًا والتَّأسِّي بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مُستَمِرٌّ دائِمٌ، والمَعروف أن الفِعْل الماضِيَ قد انقَضَى زمَنُه، فيُقال -واللَّه أَعلَمُ-: لقد كان لكُم في عِلْم اللَّه تعالى وفي شَرْع اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أُسْوةٌ حسَنةٌ.
وقوله تعالى:{في رَسُولِ اللَّهِ} ولم يَقُل: في محُمَّد. ولم يَقُل: في النَّبيِّ. إشارةً إلى أنَّ الأُسْوة فيه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ لأنه رَسولُ اللَّه تعالى، فإذا الوَصْفُ يُفيد العِلِّيَّة أي: أنَّ عِلَّة الأُسْوة كونُه رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإلَّا ما كان علينا أن نَتَأسَّى به؛ لأنه رَجُل من الناس؛ لكن لأنه رَسول اللَّه تعالى كان لنا فيه أُسْوة حَسَنة.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:"إِسْوَةٌ" بكَسْر الهَمْزة وضمِّها قِراءتان سَبْعيَّتان؛ لأن طريق المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ إذا عبَّر بهذا التَّعبيرِ فالقِراءَتان سَبْعِيَّتان مُتساوِيتان، أمَّا إذا قال:(قُرِئَ)