قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ} من الكُفَّار {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} من الابتِلاء والنَّصْر {وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} في الوَعْد {وَمَا زَادَهُمْ} ذلك {إِلَّا إِيمَانًا} تَصديقًا بوَعْد اللَّه تعالى {وَتَسْلِيمًا} لأَمْره].
وقوله تعالى:{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ}: (لمَّا) شَرْطية لكنها لا تَجزِم، وفِعْل الشَّرْط في الآية {رَأَى}، وجوابُه:{قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ}، وقد تَقدَّم أن (لمَّا) تَأتي في اللغة العرَبية على عِدَّة وُجُوه: منها الشَّرْطية، كما في هذه الآية، ومنها الجازِمة كما في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}[ص: ٨]، ومنها أن تَكون بمَعنَى (إلَّا) كما في قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}[الطارق: ٤] يَعنِي: إلَّا عليها حافِظ.
والمُراد بالأَحْزاب هنا الأَحْزاب الذين تَألَّبُوا على النبيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ من قُرَيش وغطَفانَ وغيرِهم، لمَّا رأَوْهم رُؤْيةً بصَريةً قالوا:{هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} بأن هؤلاء الأَحزابَ سيَأتون؛ قال اللَّه تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}[البقرة: ٢١٤].