قوله تعالى:{يَحْسَبُونَ} بمَعنَى: يَظُنُّون، وهي تَنصِب مَفعولين أصلُهما المُبتَدَأُ والخبَرُ، والمَفعول الأوَّل هنا قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{الْأَحْزَابَ} والمَفعول الثاني: جُمْلة {لَمْ يَذْهَبُوا} يَعنِي: يَظُنُّ هؤلاء المُنافِقون أن الأحزاب لم يَذهَبوا، وهذا يَدُلُّ على جُبْنهم وخَوْفهم وذُعْرهم؛ لأنه حتى بعد ذَهاب الأحزاب وتَفريقهم يَظُنُّ هؤلاء المُنافِقون أنهم لم يَذهَبوا.
وقوله رَحَمَهُ اللَّه: [{لَمْ يَذْهَبُوا} إلى مكَّةَ؛ لخَوْفهم منهم {وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ} كرَّة أُخرى {يَوَدُّوا} يَتَمَنَّوا {لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ في الْأَعْرَابِ} أي: كائِنون في البادية {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} أَخبارِكم مع الكُفَّار].
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَإِنْ يَأْتِ} هذا على سبيل الفَرْض والتقدير، وقوله تعالى:{الْأَحْزَابَ} جَمْع حِزْب وهُمُ الطوائِف الذين تَحزَّبُوا على النبيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ من قُرَيشٍ وغَطَفانَ وأسَد وغيرهم، لو أَتَى هؤلاءِ الأحزابُ مرَّةً أخرَى لوَدَّ هؤلاءِ المُنافِقون أنَّهم {بَادُونَ في الْأَعْرَابِ} البادِي: هو الساكِن البادِيَةَ، ومنه قول النبيِّ