ثُمَّ قال اللَّه تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}: {مَا} نافِية، وهل هي حِجازية أو غير عامِلة؟
الجَوابُ: غير عامِلة؛ لأنَّ العمَل لـ (كان) وليس لها، {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ} يَعنِي: رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}، لم يَقُلْ: ما كانُ رسول اللَّه. بل قال:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ} فتَحدَّث عنه باعتِباره شَخصًا من النَّاس، ثُمَّ قال بعد ذلك:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ}، فأَثبَت له الرِّسالة.
وقوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}: {أَبَا} بالأَلِف؛ لأنَّها خبَرُ (كان)، قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} فليس أبا زَيدٍ -رضي اللَّه عنه-؛ أي: والِده، فلا يَحرُم عليه التَّزوُّج بزَوْجته زَينبَ].
قوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} تَبنِّيًا، ووِلادة أيضًا؛ لأن أبناء الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الثلاثة تُوُفُّوا قبل أن يَبلُغوا الرُّجولة، كلُّهم تُوُفُّوا وهُمْ صِغار، وقال بعضُ أهل العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ: إن المُراد: أبا أحَدٍ من رِجالكم تَبنِّيًا؛ لأنه تعالى قال:{مِنْ رِجَالِكُمْ}، فأَضاف الرِّجال إليه، ولم يَقُل: أبا أحَدٍ من الرِّجال.