ردَّهُم أي: أَرجَعهم على أَدْبارهم خائِبين، {الَّذِينَ كَفَرُوا} يَعنِي: الأحزابَ من قُرَيْش وغيرِهم.
وقوله تعالى:{بِغَيْظِهِمْ} الباء هنا للمُلابَسة، أي: مُتلَبِّسين بالغَيْظ، الجارُّ والمَجرور في مَوْضِع نصب على الحال، يَعنِي: أنهم رجَعوا مُغتاظِين غايةَ الغَيْظ، ووجهُ اغتِياظهم أنهم جاؤُوا بهذا الجَمعِ الكثيرِ الذي لم يُشْهَد له نَظِير في ذلك الوقتِ، يُريدون القَضاء على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومع ذلك حصَل لهم التَّعَب والعَناء والجُوع والبَلاء، واَخِر الأَمْر أَنْ رجَعوا هارِبين، ولا شَكَّ أن مِثْل هذا سَوف يُؤَثِّر على الإنسان، فسوف يَملَأ قلبه غَيْظًا وحَسْرةً وندَمًا، كيف يَأتِي بهذا الجَيْشِ الذي جَمَع له وأَبدَى فيه وأَعاد وآخِر الأَمْر أن يَنقلِب ولا يَكون معركة؟ ! ولهذا قال تعالى:{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا}.
وقوله:{لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} لا مِن أَمْر الدُّنيا ولا مِن أَمْر الآخِرة، أمَّا أَمْر الآخِرة فإنهم لن يَنالوا خيرًا بقِتالهم للنبيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ على كلِّ حال. وأمَّا أَمْر الدُّنيا الذي يَرَوْنه هم خيرًا لأنفسهم فما نالوه؛ فما نالوا خيرًا لا في الدِّين ولا في الدُّنيا