-وللَّه الحمدُ- حتى ما يَظُنُّونه خيرًا من هَزيمة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والقضاء عليه وعلى أصحابه ما حصَل لهم ذلك، لم يَنالوا خيرًا.
وقوله تعالى:{خَيْرًا} نكِرة في سِياق النفي (لم) فتُفيد العُمُوم يَعنِي: ما نالوا أيَّ خيرٍ لا قليلًا ولا كثيرًا، وهذه من نِعْمة اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأَضاف اللَّه تعالى الرَّدَّ إلى نَفْسه {رَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}؛ لأن رُجُوعهم ليسَ بِحَوْل النبيِّ عَليهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ولا بقُوَّته ولا بحَوْل أصحابه -رضي اللَّه عنهم- ولا قُوَّتهم، ولكنه بحَوْل اللَّه تعالى وقُوَّته؛ ولهذا قال تعالى:{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ}.
يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} مُرادهم من الظَّفر بالمُؤمِنين {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ}] والحمد للَّه! كفَى اللَّهُ تعالى المُؤمِنين القِتال، يَعنِي: أن اللَّه تعالى أَراح المُؤمِنين من القِتال فلم يُقاتِلوا، وأمَّا ما حصَل من المُناوَشات التي حصَلَت لبعض الصحابة مع بعض المُشرِكين، فإذا لا يُعَدُّ قِتالًا؛ لأن الكلام على الجَيْش كله جَمعاءَ فإنه لم يَحصُل فيه قِتالٌ.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ:[بالرِّيح والمَلائِكة] الرِّيح سبَق أن اللَّه تعالى أَرسَل عليهم الرِّيحَ الشرقيةَ البارِدة الشديدة، وأنها كفَأَت قُدُورهم وزَلزَلْت خِيامهم، ورَمَتْهم بالحِجارة تَحمِلها الرِّياح مع البَرْد الشَّديد، حتى كانوا يَصطَلون بالنار، ويَقولون: النَّجا النَّجا، وأمَّا المَلائِكة فإن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سلَّط المَلائِكة عليهم بأن تُلقِيَ في قُلوبهم الرُّعْب والفزَع والخَوْف، وتوحِّشهم حتى يَنصَرِفوا من المكان، وهذا من نَصْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقوله: [{وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا} على إِيجاد ما يُريده {عَزِيزًا} غالِبًا على أَمْره]