للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا} القُوَّة صِفةٌ يَتمَكَّن بها القويُّ من فِعْل ما يُريد بدون ضَعْف، وهي أعلى من القُدْرة؛ لأن القُدْرة صِفةٌ يَتمكَّن بها القادِر من فِعْل ما يُريد بدون عَجْز، فالقُوَّة أعلى، وانظُرْ إلى رَجُلَيْن حمَلا صَخْرةً، أحدُهُما حمَلها لكن مع نوعٍ من المَشقَّة، فنَقول: هذا قادِر، ولكن ليس بقَوِيٍّ، والآخَر حمَلها وكأنها شيءٌ بَسيطٌ نَقول: هذا قوِيٌّ.

وقوَّةُ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا مُنْتهَى لها, ولَا مِقْياسَ لها، بَل هي فَوْق ما يَتصوَّره الإنسان، لمَّا قالت عادٌ: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت: ١٥ - ١٦].

وأمَّا قوله تعالى: {عَزِيزًا} فتقول رَحِمَهُ اللَّهُ: [غالِبًا على أَمْره]، فالعزيز من أسماء اللَّه تعالى له ثَلاثة مَعانٍ:

١ - عَزيز القَدْر.

٢ - وعَزيز القَهْر.

٣ - وعَزيز الامتِناع.

أمَّا عزيز الامتِناع: فمَعناه: أنه يَمتَنِع أن يَناله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سوءٌ أو نَقْصٌ في جميع صِفاته وجميع أَفْعاله.

وأمَّا عِزَّة القَدْر: فمَعناه: أنه ذو قَدْر عظيم رفيع مثلَما تَقول: فُلَان عَزيزُ النَّفْس. يَعني: له عِزَّة وترَفُّعٌ عن الدَّنايا.

<<  <   >  >>