ثُمَّ قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} إن اللَّه ومَلائِكتَه هذا خَبَر مُؤكَّدَّ بـ {إِنَّ}، وعَطَف المَلائِكة على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بالواو؛ لأنهم مُشارِكون للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بهذا الفِعْلِ؛ ولهذا قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ}، المَلائِكة تَقدَّم أنهم جَمْع مَلَكٍ، وأن أَصْل المَلَك (مَأْلك) من الأَلوكة وهي الرِّسالة، ولكنها حصَل فيها إعلال بالتَّقديم والتَّأخير، فصارت بدَل (مَألَك)، فصارت (مَلْأك)، ثُمَّ حُذِفت الهَمْزة للتَّخفيف لكَثْرة الاستِعْمال، فصارت مَلَك، أمَّا الجَمْع فإنها رُدَّت الهَمْزة وقِيل فيها: مَلائِكة.
واشتُقَّ المَلَك من الأَلوكة، والأَلوكة في اللُّغة بمَعنَى: الرِّسالة، والمَلائِكة رُسُل، فأَصلُها إِذَنْ: مَأْلَك يَعنِي: من الأَلوكة، ثُمَّ أُعِلَّ بالتقديم والتأخير فصارت مَلْأَك، ثُمَّ حُذِفَتِ الهَمزة للتَّخفيف؛ لكَثْرة الاستِعْمال، ونُقِلت حرَكتُها إلى اللام فصارت (مَلَك)، أمَّا الجَمْع فمَلائِكة.
فالمَلائِكة همُ الذين جعَلهمُ اللَّه تعالى رُسُلًا، وهم عالَمٌ غَيْبيٌّ، مَخلوقون من نور، مُمتَثِلون لأمر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، قائِمون بعِبادته آناء الليل والنَّهار، كما ذكَر اللَّه تعالى عنهم:{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}[الأنبياء: ٢٠]، وهم مع ذلك لا يَعْصون اللَّه تعالى