للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٢)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: ٣٢].

* * *

قوله: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ} الخِطاب هنا وجَّهَه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بعد أن وجَّهه لرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: وجَّهه إلى نِسائه، فقال تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ}، وهذا بعدَ التَّخيير يَدُلُّ على أنَّ الزَّوجية استَقَرَّت لزوجات النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ ولهذا خاطَبَهُن في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ}، {لَسْتُنَّ} أصلُها (ليس)، لكنه لمَّا سُكِّنَتْ السِّينُ حُذِفَتِ الياءُ؛ لأنها حَرْف لَيِّن، والحَرْف اللَّيْن عند التِقاء الساكِنَيْن يُحذَف كما قال ابنُ مالِك رَحِمَهُ اللَّهُ:

إِنْ سَاكنَانِ التَقَيَا اكسِرْ مَا سَبَقْ ... وَإِنْ يَكُنْ لِينًا فَحَذْفُهُ اسْتَحَقّ (١)

وقوله: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ} يَعنِي: أنَّ زَوْجَاتِ الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ لَسْن كأحدٍ يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [كجماعةٍ من النِّساء] وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [كجماعةٍ من النِّساء] فيه نظَر؛ لأنَّ (أحَد) تُطْلَقُ على الفَرْد، يَعنِي: ليس هناك أحَدٌ مِنَ النِّسَاء مِثْلَكُنَّ، لستُنَّ كأحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ، أي: لا تُشْبِهن أحَدًا، واحِدة فأَكثَر من النِّساء.

وقوله تعالى: {مِنَ النِّسَاءِ} أي: سِواكن، إنِ اتَّقَيْتُنَّ اللَّه تعالى فإنَّكن أعظَمُ، يَعنِي: لستُنَّ كأحَد من النِّساء إنِ اتَّقَيْتُن، والمُراد بالشَّرْط: الحثُّ والإِغْراء على التَّقوى،


(١) ذكره الصبان في حاشيته على شرح الأشموني (١/ ١٣٤).

<<  <   >  >>