وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} وهي خَيبرُ وأُخِذت بعد قُرَيْظةَ {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}]، {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ}(أَورَثَ) هذه تَنصِب مَفعولين؛ المَفعول الأوَّلُ الكافُ والثاني:{أَرْضَهُمْ}؛ والأرض والدِّيار بينهما فَرْق، فالدِّيار جَمْع دار، وهِي المَساكِن والأحياء، وأمَّا الأرض فهي أعَمُّ من ذلك، والأموال هي الأَمتِعة والدراهِم والدَّنانير، وغير ذلك.
وقوله تعالى:{وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} يَعنِي: ما وطِئْتُموها حتى الآنَ، ولكنكم ستَرِثونها، وهي أرض خيبرَ، فإن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَتَحها بعد ذلك في السَّنَة السابعة (١).
وقوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} فلا يُعجِزه شيءٌ، وقُدِّم المَفعول لتَحقُق وقوعِ الفِعْل به؛ ولهذا قال تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} ولا تَقُلْ كما يَقول بعض الناس: (إنه على ما يَشاءُ قَديرٌ)؛ لأنك إذا قُلْت:(على ما يَشاء قَدير) خصَصْتَ قُدْرته بما يَشاءُ، مع أن القُدْرة تَتعَلَّق بالذي شاءَه والذي لم يَشَأْه، حتى الذي لم يَشَأه هو قادِر عليه.