قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{لِيَسْأَلَ} اللَّام للتعليل من حيث المَعنَى، وهي من حيث الإعراب حَرْف جَرٍّ، والفِعْل بعدها مَنصوب بـ (أَنْ) مُضمَرةً جوازًا بعد لامِ الجَرِّ.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ} السائِل هو اللَّه تعالى، والضميرُ هنا ضميرُ غَيْبة، {وَإِذْ أَخَذْنَا} ضَمير المُتكلِّم، فيَكون فيه التِفات من التَّكلُّم إلى الغَيْبة، والالتِفات أُسلوبٌ من أَساليب اللغة البلاغِية، ويَختَلِف، قد يَكون من غَيْبة إلى حُضور، ومن حُضور إلى غَيْبة، فقوله تعالى:{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا}، هذا التِفات من الغَيْبة إلى الحُضور {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ}، ثُمَّ قال تعالى:{وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ}، وهنا قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ} ثُم قال: {لِيَسْأَلَ}، ولم يَقُل: لنَسأَل. فهو التِفات.
فائِدةُ الالتِفات العامَّة في كل مَوضِع هو التنبيهُ، تَنبيهُ القارِئ والمُخاطَب، وجهُ ذلك: أن الكلام إذا كان على أُسلوب واحِد، فإن الإنسان يَسير معه من غير أن يَكون هناك شيء يُوجِب انتباهَه، فإذا تَغيَّر الأُسلوب حصَل حينئذٍ تَوقُّف كيف انتَقَل من هذا إلى هذا، فيَكون في هذا تَنبيهٌ للقارِئ وللمُخاطَب.